عادل القليعي يكتب.. الاسم ثلاثي: بدر أكتوبر الأقصى

عادل القليعي
عادل القليعي

هناك أسماء ليس لها معني ولا قيمة ولا مبني وأسماء قد يكون لها معني وقيمة ومباني لكن ليس لأصحابها أدنى حظ منها.

وهناك  أسماء جمعت بين الخيرين والحسنيين القيمة والمعني وأصحابها كتب لهم حظ من كل ذلك.

هيا لنرى حقيقة الاسم الذي سنكتب عنه نعم إنه اسم جمع القيمة والمعني والمبني ليس هذا وحسب بل جمع التاريخ والأصالة والمعاصرة القيم والشيم أتت مجتمعة به فانعم به اسم جمع الحقيقة والمجاز وكل المحسنات والسجع والجناس والطباق إنه بدر أكتوبر طوفان.

هيا نحلل كل اسم ورسم لنرى ماذا يشكل كل حرف من هذه الأحرف ما تركته من أثر فى نفوس كل محب لدينه ووطنه وبلده ومواطننته.

فهيا لنرى ماذا سيخط بناني وماذا ستقول أفكاري عنك يا بدر الخير ، يا بدر فى السماء عال.

كما علمتنا سير التاريخ ومدارسته سواء التاريخ الإسلامي القديم أو التاريخ الإسلامي و العربي المعاصر أن شهر رمضان المبارك شهر الانتصارات والبطولات والفتوحات ، سواء فى الدولة الإسلامية قديما أو فى تاريخنا الإسلامي المعاصر.

وهذا تكريم من الله تعالى لهذا الشهر الفضيل الذي وهبه الله لهذه الأمة التي ذكرها الله تعالى وفضلها على كل الأمم التي سبقتها بأنها خير أمة أخرجت للناس ، وتلك ميزة ومنحة ربانية أعطاها الله تعالى لحضرة النبي الكريم محمد صل الله عليه وسلم.

فبالإضافة إلى إنه شهر الانتصارات إلا أننا من الممكن أن نضيف لقبا آخرا له ،  ألا وهو شهر الفتوحات ، إنا فتحنا لك فتحا مبينا.

وتأويل هذا الآية تخصيص يحمل ما يحمله من التعميم ، فالتخصيص فتح مكة المباركة ، خصوصية ومأثرة للنبي صل الله عليه وسلم ، وتعميم بمعنى أن معظم الفتوحات سواء فى العصر الإسلامي الأول أو المعاصر تمت في شهر رمضان ، فبداية الفتوحات من مكة ، وانطلاقها من الآية الكريمة سالفة الذكر.
نستنتج من ذلك أن لهذا الشهر الكريم منزلة ومكانة اطلعنا الله على بعضها ، وربما تكون له فضائل سيطلعنا الله عليها في حينها أو يحتفظ بها تعالى عنده فهو لا يسأل عما يفعل ونحن نسأل عن أفعالنا ونحاسب عليها.

انتصر جند الله في بدر الكبرى بعد أن زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وزلزل المؤمنون زلزالا شديدا وظنوا بالله الظنون وراحوا يستغيثون الله سبحانه وتعالى الغوث الغوث يا غياث المستغيثين ، بعدما رأوا عدة وعتاد جنود الطاغوت أعداء الله ، على الفور تتجلى العناية الإلهية وتهدأ الأعصاب وتطمئن القلوب وينزل النعاس أمنة منه تعالى ، فيناموا ويحتلموا ويستيقظوا فيغتسلوا بماء الصيب النافع ، وتدور رحى المعركة ويشتد وطيسها وتتنزل الملائكة وما يعلم جنود ربك إلا هو ، ويهزم الجمع ويولون الدبر وينتصر رجال الله وهذه بداية التمكين لدين الله وانتشاره ويعود رجال الله منتصرين.

وفى العام الثامن للهجرة وفي جيش قوامه عشرة آلاف مقاتل يتوجه النبي إلى أحب بقاع الدنيا إلى قلبه ، إلى مكة المكرمة ويرسل رسول الله رسله لا نريد الحرب ، وإنما دعوتنا السلام ، وهذا فيه رد كاف لكل من يتنطع علينا ويقول أن الإسلام انتشر بحد السيف ، لا وألف لا وإنما نبدأ بالسلام وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله.

نعم فتح النبي مكة المكرمة بعد أن نادى المنادي فى أهلها من دخل البيت الحرام فهو آمن ، ومن دخل بيته فهو آمن ومن دخل بيت أبي سفيان فهو آمن ، فتحها وحطم ما بها من أصنام ، بعد أن حطم أصنام القلوب التي تحجرت واستبدلها بيقين الإيمان ، ما تظنون أني فاعل بكم ، قالوا أخ كريم وابن أخ كريم ، قالها الفاتح اذهبوا فأنتم الطلقاء.
وهذه بداية الفتوحات الإسلامية ، فبعدها استمرت الفتوحات شمالا وجنوبا ، شرقا وغربا ، حتى اكتملت الإمبراطورية الإسلامية وارتفعت المآذن فى كل الدنيا ، هذا ما بدأه النبي صل الله عليه وسلم وأكمل بنيانه الخلفاء الراشدين من بعده ، ثم السلف الصالح ، ثم تتوالى الانتصارات بتوالي الأجيال التي يملأ قلوبها اليقين والايمان بالله والإيمان بقضيتنا الكبرى وشغلنا الأساسي نشر الدين وحفظ بيضته ضد أي غاشم مغتصب متربص يتربص بأمتنا الإسلامية.

وهذا ما حدث فى أكتوبر الإسم الثاني ، العاشر من رمضان السادس من أكتوبر ، يوم النصر المبين ، يوم الملحة ، فهيا يا جنود الله ردوا بالحديد على الحديد ، هيا اطردوا المحتلين الغاصبين وافشلوا مخططاتهم الاستيطانية ، هيا فسيناء تناديكم ، هيا يا أكتوبر البطولات فقد شرفك الله أن يكون نصر مصر على الصهاينة الملاعيين الذين ظنوا أنهم مانعتهم حصونهم ، نقول لهم ، احشدوا حشودكم وجيشوا جيوشكم ولتبنوا ألف بارليف ، الجميع سيتحطم أمام الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله ، الرجال الصائمون ، رهبان بالليل مجاهدون فى النهار ، تكبيرهم يزلزل الأركان والارجاء الله أكبر ، النصر لنا ، ويزأر الأسود ويرتفع علمنا فوق سيناء الحبيبة ، الذي يحاول الغاصبين استردادها مرة أخرى عن طريق تهجير قسري للفلسطينيين ، لكن هيهات هيهات ، فالأبطال قالوها لكم إياكم والتهجير ، سيناء خط أحمر ، وضعوا آلاف الخطوط تحت كلمة خط أحمر.

فلله درك يا أكتوبر وهنيئا لك هذا التكريم .

ثم نأتي إلى الاسم الثالث ، الطوفان فلا أقصد به طوفان نوح الذي أغرق الظالمين المستهزئين ، إنما أقصد طوفان الأقصي الذي حدث فى السابع من أكتوبر - قل لي يا أكتوبر ماذا بينك وبين الله من خصوصيات لتنال كل هذا التكريم - وإن كنت أرى أن ثم علاقة وطيدة بين الطوفانين ، فطوفان نوح أغرق الظالمين وطوفان الأقصى أغرق المتغطرسون وأفسد مخططاتهم وأثبت هشاشتهم وهشاشة جيشهم الذي لا حيلة له إلا قتل الأطفال والنساء والشيوخ والعجائز ، حتى الأطفال الخدج لم يأمنوا مكرهم ، حتى المشافي ودور العبادة لم تسلم من شياطينهم.

نعم لقد لقن أبطال الطوفان العدو درسا لن ينسوه ما حييوا ، بل وسيظل ملازما لهم في كوابيسهم بل وحتى في يقظتهم ، ولا يزال الرجال صامدون مرابطون في الأقصى ، وفى المعارك في غزة وقراها ومدنها ، نعم مستمرون فى كفاحهم ودخل عليهم رمضان وجهادهم مستمر وهم صوامون قوامون.

فلله در المجاهدين من المقاتلين ، لله در الصابرين المحتسبين الذين دعائهم وهتافهم النصر أو الشهادة ، نقول لكم النصر إن شاءالله تعالى والفتح المبين وسيكون في شهر الانتصارات.

لله درك أيها الإسم الكريم ، أيها البدر ،  يا أكتوبر ، وا أقصاه.

أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.